هذه القصة من باب التشبيه ليس إلا.. لتقريب الأمر لأذهان البعض
كانت هناك مدينة يحكمها ملك، وكان أهلها يختارون ملكهم، بحيث يحكمهم لسنة واحدة فقط، وبعد ذلك يُرْسَل الملك إلى جزيرة بعيدة ليكمل فيها بقية عمره، ويختار الناس مَلِك آخر غيره .. وهكذا!
وكان الملك الذي تنتهي فترة حكمه، يلبسونه أفخر الثياب ويودعونه، ثم يضعونه في سفينة ويُنقل إلى تلك الجزيرة البعيدة، وكانت تلك اللحظة هي من أكثر لحظات الحزن والألم بالنسبة لكل ملك.
إلى أن وقع الاختيار في إحدى المرات على شاب من شباب المدينة، فكان أول ما فعله وهو في أول أيام حكمه، وفي عز نشاطه وقوته، أن أمر بأن يحملونه إلى الجزيرة التي يُرسلون إليها جميع الملوك السابقين
فرأها وقد غطتها الغابات الكثيفة، وسمع أصوات الحيوانات المفترسة فيها، ثم وجد جثث الملوك السابقين، وقد أتت عليها الحيوانات المتوحشة!!
عاد الملك الشاب إلى مملكته وأمعن الفكر والتَّفكر، وبعد مدة قصيرة من الزمن، أرسل على الفور عدد كبير من العمال، وأمرهم بإزالة الأشجار الكثيفة، وقتل الحيوانات المفترسة.
فصار يزور الجزيرة كل شهر، ويتابع العمل بنفسه. وبعد شهر واحدٍ تم اصطياد جميع الحيوانات وأزيلت أغلب الأشجار الكثيفة.
وبمرور الشهر الثاني كانت الجزيرة قد أصبحت نظيفة تمامًا، فأمر الملك العمال بزرع الحدائق في جميع أنحاء الجزيرة، وبتربية بعض الحيوانات المفيدة مثل الدجاج والبط والماعز والبقر. إلخ ... ومع بداية الشهر الثالث، أمر العمال ببناء بيت كبير ومنتفعاته، وبمرور الوقت تحولت الجزيرة إلى مكان جميل جدًا .. وأي جمال صارت عليه .. وخلال العمل في الجزيرة كان الملك يرتدي الملابس البسيطة، ويُنفق القليل من المال على حياته في المدينة، مكرّسًا كل أمواله التي تُعطى له في إعمار هذه الجزيرة، إلى أن اكتملت السنة وحان موعده ليتنقل إلى تلك الجزيرة كغيره من الملوك السابقين!! فألبسوه الثياب الفاخرة، ووضعوه على السفينه قائلين له وداعًا أيها الملك! ظنًا منهم بأن الحزن سيأكله كغيره!! لكنه وعلى غير عادة الملوك السابقين كان يضحك ويبتسم!! وينظر في خياله لجمال قادم الأيام … فسألوه الناس عن سر سعادته بعكس جميع الملوك السابقين؟؟ فقال: بينما كان جميع من قبلي منشغلين بإمتاع أنفسهم أثناء فترة الحكم، كنتُ أنا مشغولا بالتفكير في المستقبل، فخططت له خير تخطيط، فقمتُ بإصلاح الجزيرة حتى أصبحت مكانًا جميلاً وءامنًا أستطيع العيش بها، وأُكمل فيها بقية حياتي في سلام وسعادة.
سبحان الله ما أجمل هذا التشبيه الذي يُقرّب الأمر لأذهان البعض، فَمَثَلُ الجزيرة كمثل الدنيا والآخره، فحياتي في الدنيا قصيرة جدًا مهما طالت بي الأيام، وأما النعيم المقيم الذي لا ينقطع أبدًا .. فهو في جنة عرضها السموات والأرض، لذا … ينبغي أن يُعمل الفكر بكيفية تعمير الآخره بكل ما يُنْتفعُ به بعد الموت … لأجد ما يسرني يوم وداعي وأكون من
المستبشرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
فالموت قادم لا محالة، وقبري صندوق العمل ..
وإلى أن نلتقي على الخير دائمًا
أترككم بحمى الرحمن
أبو هيثم
أضف تعليق:
0 comments:
إرسال تعليق