أيها الشَّاب الولدُ.. إليك بعض ما كنت تفعله حين كنت صغيرًا!! وهي نابعة من حبك لأبيك، ولا شك أن كل ما سيأتي من أفعالك، لا ولن تتذكرها بالمرة!!! • كنت تلبس حذاء أبيك، فتتعثر به لأنه أكبر من قدميك!! ومع هذا كنتَ تشعر من خلال "صباطه" بأنك كبير ومهم. • كنتَ تأتي لأبيك محبة أن يتكلم معك ويُلاعبك ويحكي لك القصص لتشعر أنك مسنودًا. • كنتَ ترتدي قميصه مع
أنه أطول منك، وأكمامه أطول من يديك! لتشعر أنك كبيرًا كأبيك!! لأن أباك كان
يعني لك الكثير!! • كنت تلبس نظاراته
فتشعر بالعظمة!! • كنت تقلد أبوك في
مشيته وكأنكَ مثله!! لتعطي لنفسك قدرًا كنت تراه في أبيك!! • كنت تطلب مفتاح السيارة
لتجلس خلف مقودها، وتتخيل نفسك بأنكَ هو!!
• كنت تسارع للاتصال بأبيك،
عندما يخطر في بالكَ شيئًا مهما كان تافهًا، لتطلبه منه وهو في غمرة مشاكل عمله،
فيرد بصدره الرحب، وكأنه لم يركَ منذ زمن، سعيًا منه لتلبيتك، وأنت لا تعلم بأي
ظرف هو!؟ فربما يكون مديره وبَّخه، أو زميله ضايقه، أو هموم مصاريف العائلة
أثقلته!! فيفرح حين يسمع صوتك الحنون الدافئ وأنت تقول له: «بابا: جبلي معك عصير وشوكولا» «بابا: جبلي معك تفاح وموز» «بابا: جبلي معك حليب» «بابا: جبلي معك لعبة» وغيرها مما كان
يخطر في بالك، فيقول لك: من عيوني بابا، تكرم… بس خليك رجال وما تعذب الماما!! وحين يأتي
أبوك للبيت وقد أُرهق من العمل والزَّحمة، فنسي ما طلبته منه!! فتعاتبه ببراءة
الأطفال، قائلًا: بابا بابا وين اغراضي؟؟؟ فيتحامل على نفسه،
ويخرج ليحضر لك طلبك بكل سعادة وفرح متناسيًا تعبه!!! آهٍ ما أجملك أيها
الولد حين كنت صغيرًا وبغاية البراءة!! وأما اليوم وقد أصبحت كبيرًا أيها الشاب الولد.. لا ولن تتذكر تلك الأحداث مهما أوتيت من قوة في
ذاكرتك!! فلن تسترجعها!! الآن أيها الشاب الولد.. وبعد ارتفاع طولك وعرضك، ونبات شاربيك!! لن تلبس حذاء أبوك، ولا قميصه، ولا نظاراته، لماذا؟؟ لأن ذوقه قديم بنظرك ولا يوافق ذوقك!!! أصبحت تحتقر ملابسه
وبعض أغراضه التي كنت تتباهى بها بصغرك، لأنها لم تعد تروق لك ولم تعد تعجبك!! حتى بعض كلامه أصبح
ثقيلاً عليك وتشعر أنه لم يعد يلائمك!!! أصبحت تشعر
بالإحراج من بعض حركات أبوك لكِبر سنّه!! وخاصة إن قابل أصحابك!! أصبحت "تتمتم"
إن دعاك للصَّلاة، حين يراك تتلكأ بأدائها، وما دعوته لك إلا من خوفه عليك!! فيرفع
صوته بوجهك خوفًا عليك، فتزيد "بالتمتمة"!!! أصبحت تُظهر ضيقك إن
اتصل بك ليطمئن عليك حين تتأخر عن موعد حضورك إلى البيت، فتشعره بأنه يُضايقك
باتصاله!! والأصعب أيها الشاب الولد، حين لا ترد على اتصالاته، وهذا سببًا لحزن شديدً
لأبيك!! لأن عدم ردك وتجاهلك لاتصال أبوك ليطمئن عليك، لهو أمرًا ليس هينًا
عليه!!! ستعرف معانيه عندما تصير أبًا!!! كنتَ بالأمس تتلعثم في الكلام وتخطئ في الأحرف والكلمات، واليوم لا يسكتك أحد من كثرة كلامك، فنسيت أبوك معلمك الأول!!! أحقًا نسيت من هو؟ إنه أبوك إنه سيدك إنه ولي أمرك يظهر بأنك نسيت يلي كنت تشوف حالك بصباطه!! اعلم أيها الشاب الولد.. أن أبوك تحملك
في طفولتك بما فيها من سفهك وجهلك وقلة إدراكك وأخطاؤك، فعليك أن تتحمّله في كبره ومرضه
وشيخوخته، وعليك أن تحسن إليه كما أحسن إليك، ولا يزال محسنًا، وكن على ثقة بأن
الكثير غيرك يتمنون رؤيته والاستماع إلى نصائحه وخبراته التي تأبى أن
تسمعها وتأخذ بها!!! نصيحتي لك أيها
الشاب الولد.. إن سُئلت: أي رجل تُحب ممن حولك؟ فلا تتأخر ولا تتلعثم، وبكل فخر
واعتزاز قل بأعلى صوتك: أبي ولا أختار عنه بديلًا.. إنه الرجل الذي انتظرني 9
أشهر لأبصر نور الحياة، إنه أبي الذي استقبلني بفرح لا أعلمه ولا ولن أتذكره، إنه أبي الذي ربَّاني على حساب صحته
وسعادته، إنه والدي وهو حبيبي جزاه الله عني خير الجزاء. |
لكم منّي أرقّ التّحيات وأعطرها
وإلى أن نلتقي على الخير دائمًا
أترككم بحمى الرحمن
أضف تعليق:
2 comments:
يا حج الله يحفظك كلام رائع وفي مكانه لا نعلم هذه التفاصيل الا بعد فوات الأوان للأسف
صدقت يا ابن أخي #معتصم رحمه الله رحمةً واسعةً.
انتبه ودير بالك على أولادك..
وكتب عمّك أبو هيثم
إرسال تعليق