دخل رجل بصفة طبيب إلى القاعة لتكريمه بعد عودته من الخارج وغيابه
لأكثر من 15 سنة، والطبيب هو كبير استشاري أمراض القلب حيثُ كان. وعند مدخل
القاعة، استوقفه منظر لبائع الجرائد وكان كبيرًا في السّن، يضع جرائده عند مدخل
القاعة، فتذّكر بدهشةٍ ملامحه المحفورة في ذهنه وعقله لكنه استمر في المشي ودخل القاعة وجلس سارحًا ببائع الجرائد مسترجعًا ذكرياتٍ ما
زال عالقًا منها الكثير في ذاكرته البصرية مع مرور فترة طويلة من الزمن، وعندما
نُودي على اسم الطبيب في فقرة التّكريم لتقليده الوسام مع الوشاح، فقام من مكانه ولكن.. لم يتوجه إلى المنصَّة كما
هو مقرر ببرنامج التّكريم!! بل توجه إلى خارج القاعة!! والكل ينظر إليه في ذهول
والنظرات تُتابعه، فوصل لبائع الجرائد فوضع يده عليه وأمسك بيده، فخاف البائع
وقال له: اتركني يا ابني، وأعدك بأنني لن أضع جرائدي هنا مرة أخرى!! قال له
الطبيب: لا.. لن تضع ولن تبيع الجرائد مرة أخرى! فقط أريدك أن تأتي معي لو
سمحت!!! فظل البائع يُقاوم بيدٍ مرتجفةٍ، والدكتور يمسك بيده بكل قوته ويقوده
إلى داخل القاعة، هنا لاحظ البائع بأن عيون الدكتور تدمع بغزارة!! فقال له: مما
تشكو يا ابني؟ فلم لم يتكلم الدكتور بحرفٍ، بل مشى وقاد البائع حتى المنصّة
والكل ينظر إليه باندهاش ظاهر ومستغربٍ لفعلٍ غير مبرر من حيث الظاهر!! ثم..
وعلى منصة التكريم وحين اعتلاها مع البائع بكى الدكتور بكاءًا شديدًا، وأخذ
يعانق البائع ويُقبل رأسه ويديه!! ويسأله: ألم تعرفني يا أستاذ خليل؟ قال: لا
والله! لم أعرفك والعتب على النّظر! قال له: أنا تلميذك ضياء الدين محمد حين كنتُ
في المدرسة الابتدائية منذ 25 سنة!! نظر البائع إلى الدكتور فاحتضنه وقبّلهُ
وبكى هو الآخر وقال: سبحان الله، كيف مضت الأيام مسرعةً!! هنا قام الدكتور وأخذ
الوشاح وقلّد به البائع، وقال مُوجهًا كلامه إلى الحضور: إنه الرجل الذي يستحق
التّكريم، والله.. ما ضياعنا وتخلّفنا وجهلنا إلا بعد إذلالنا لهم وإضاعة ما لهم من حقوقٍ علينا ولعدم احترامهم وتقديرهم ورعايتهم
بما يليق بمقامهم وبعلو رسالتهم السَّامية.. هذا أستاذي وأفتخر وكان من
كوكبة المعلمين والمدرسين الملتزمين بما يرضى الله عز وجل، إنه الرجل صاحب
الفضل عليَّ بما أنا فيه وما وصلتُ إليه اليوم!! فله ولأمثاله ينبغي أن يكون التّكريم. |
بائع الجرائد يستحق التكريم
جرائد، كبير السن، برنامج التكريم، استشاري أمراض القلب، وشاح التكريم، الطبيب، تدمع بغزارة، مضت الأيام مسرعة، المعلمين والمدرسين،
قيل بأنه حدثَ في بلدٍ من البلاد العربية..
وإلى أن نلتقي على الخير دائمًا
أترككم بحمى الرحمن
#أبو_هيثم
أضف تعليق:
0 comments:
إرسال تعليق