من المعروف والمتداول بين البشر، بأن النَّاس أجناس، ولكلٍّ منهم رأيه وتصوّره للحياة، ولكن.. إن لم يكن هناك أُسس وقوانين ومبادئ بحيثُ تكون هي المرجع الصّالح للفصل والحل وتنظيم الحياة فيما بينهم، وضبط خلافاتهم كبيرة كانت أو صغيرة، لا شك ستسود بينهم ما يسمى "شريعة الغاب" ﻻ محالة. ومع هذا، للأسف الشديد، يوجد الكثير من النَّاس حين يتكلمون عن موضوعٍ أو عدة مواضيع يشترطون بأن يكون الحكم والفصل والرأي فيها لغير شرع الله!!!هيهات هيهات... كيف يصل صاحب الحق إلى حقه بقانونٍ مُنصفٍ يُعطي صاحب الحق حقّه بغير شرع الله؟ لا.. لن يصل وربّ محمّد صلوات الله عليه. لنقرأ معًا هذه الآيات الكريمة، ونتمعّن بظاهر النَّص وجماله
· {إن
الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا} (سورة فاطر ءاية 6)
· {وﻻ تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} (سورة اﻷنعام ءاية 6)
· {إن الشيطان للإنسان عدو مبين} (سورة يوسف ءاية 5)
فعندما أخبرنا ربنا بأن الشيطان عدوّنا، فمن الحكمة ألَّا نحتكم إليه ولا إلى قوانينه الفاسدة بحل أمورنا الحياتية ومشاكلها، فالذي خلق البشر أعلم بمصالحهم من أنفسهم، وهذا لا مجال للبحث فيه عند أصحاب البصيرة، لأنه أمرٌ محسومٌ ﻻ شك فيه وﻻ ريب بالمرة. ولمزيدٍ من الشرح والبيان لبيان فكرتي.. لنفترض أننا جمعنا 100 شخص من جنسيات مختلفة، وكل واحدٍ منهم من بلدٍ يبعد عن اﻵخر ملايين اﻷمتار، وجعلناهم يتواصلون عبر الانترنت أو كانوا غير متصلين، وطرحنا عليهم على سبيل المثال وليس الحصر سؤالًا يتعلق: بحق الزوج على زوجته، أو حق اﻷب على أوﻻده، أو حق اﻷوﻻد على أبويهم، ونحو ذلك، وطلبنا منهم اﻹجابة بحسب الحكم الشّرعي، فما هي الحقيقة التي ﻻ غبار عليها؟؟ سيكون جواب كل واحدٍ منهم مطابقًا لجواب اﻵخر، ولن نجد اختلافًا بأصل الحكم بالمرة!! لماذا؟ ﻷن اﻷساس عند الـ 100 ومصدر العِلم لدى كل واحدٍ من هؤﻻء المختلفين من حيثُ الجنس والبلد [واحدٌ] أﻻ وهو شرع نبيّنا محمّد صلى الله عليه وسلم. ثم، تابعنا الاختبار، فجمعنا 5 أشخاص فقط من عائلة واحدة، لنقل مثلًا: كانوا إخوة من نفس الأم والأب، أو إخوة وأعمامًا، أو غير ذلك من أنواع القرابة.. وطُرحت الأسئلة التي طرحناه على الـ 100 شخص، وجاوب كل واحدٍ منهم على حسب علمه ورأيه، وكما تميل إليه نفسه، أو غيّرنا بالأسئلة وسألناهم مثلًا: ما هي حصة البنت من ميراث أبيها، أو حصة الزوجة من ميراث زوجها ونحو ذلك من الأسئلة، فلا شك عندي وعند كل ذي فهم، أنه سيكون لكل واحدٍ منهم رأيه المختلف عن اﻵخر.. ومن باب التّذكير.. هؤﻻء الخمسة من عائلة واحدة، ومن مكانٍ واحدٍ، ومن طبقة اجتماعية واحدة، ومع هذا سيختلفون بالرأي ﻻ محالة، إذ لكل منهم رأيه وتفكيره بما طُرِح عليه.. إن كانوا 5 اختلفوا!؟ فكيف لو كانوا 50 شخصًا مختلفين بالجنس والعِرق؟ فالاختلاف ﻻ شك بأنه سيكون أكبر بكثير، فكلما ازداد العدد كثُرت الآراء وصَعُبَ عليهم التّوافق والاتفاق على رأي واحدٍ، لأنه لا يوجد مرجعٌ واحدٌ يأخذون منه، فكل واحد منهم يأخذ من خزانه ومستودعه المختلف عن خزان ومستودع الآخر، فالنتيجة الحتمية هي الاختلاف وعدم التَّوافق بالمرة. فمن هنا نعرف بأن العبرة بشرع الله الذي ارتضاه لنا الله تعالى بقوله: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} فدلوني على قانون يُحاكِم فيه الرئيس ولدًا من أولاده إن استحق العقاب على ما أخطأ به ((شديدًا كان ذاك العقاب أو خفيفًا)) فدلوني على قانون مثل القانون الإسلامي!؟! لا يوجد، ولن تجدوا مهما بحثتم، ولمزيدٍ من التسليم، تمعنوا معي بجمال ومعنى حديث رسول صلى الله عليه وسلم، حيثُ قال «أيُّها النَّاسُ إنَّما أهْلكَ الَّذينَ قبْلكُمْ أنَّهُمْ كانوا إذا سَرَقَ فيهم الشَّريفُ تركوهُ، وإذا سَرَقَ فيهم الضَّعيفُ أقامُوا عليه الحدَّ، وَأيْمُ اللهِ، لوْ أنَّ فاطمة بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لقطعْتُ يدها«
لكم منّي أرقُّ التَّحيات وأعطرها
وإلى أن نلتقي على الخيرِ دائمًا
أترككم بحمى الرحمن
أبو هيثم
أضف تعليق:
0 comments:
إرسال تعليق