يُحكى أن والدًا استشعر اقتراب نهايته في الحياة،
فخاطب ابنه الشّاب بكلماتٍ، قائلًا له:
يا ولدي
ستراني مع قادم الأيام عجوزًا غير مُتّزنٍ فى بعض تصرفاتي!! فأعطني بعض الوقت
لتفهم عليَّ وتتفهّمني.
يا ولدي
عندما ترتعش يدي فيسقط طعامي على صدري، وأعجز عن
لبس ثيابي لوحدي، فعليك الصّبر عليَّ، مُتذكّرًا (فلا، ولن تتذكّر) تلك السّنين التي
تعِبتُ فيها وأنا أعلّمُك وما زلتُ!!
يا ولدي
إن لم أعد أنيقًا في نظرك كما كنتُ، ولا جميل
الرائحة كما تُحب، فلا تلومني!! وتذكّر (فلا، ولن تتذكّر) كثرة محاولاتي فى صغرك
لأُظهرك أمام الجميع أنيقًا جذّابًا وطيّب الرائحة.
يا ولدي
لا تضحك عليَّ إذا رأيتني لا أفهم ببعض أمور جيلك
وزمانك الحالي!! فتذكّر (فلا، ولن تتذكّر) حين كنت لا تفقه شيئًا في جيلي وزماني!!
فنكتُ لك مُعلّمًا وما زلت، فكن عيني وأُذني وعقلي ومُعلمي لألحق ببعض ما فاتني من
جيلك!!!
يا ولدي
لا تملّ ولا تتأفّف من ضعف ذاكرتي وبطء كلماتي
وتفكيري أثناء الكلام معك أو مع غيرك، واعلم بأن سعادتي من المحادثة أن أكون معك
وأتحدثُ إليك.
يا ولدي
عندما تخذلني قدماي وترتعش في حمل جسدي المُنهك، فكن
عطوفًا عليَّ وتذكّر (فلا ولن تتذكّر) كم أخذتُ بيدك لأعلّمك الكثير.
يا ولدي
لا تستح اليوم أبدًا، بأن تأخذ بيدي في الطريق
وأمام الناس، حرصًا منك عليَّ، كما كنتُ حريصًا عليك، فغدًا قد تحتاج وتبحث عمّن
يأخذ بيدك.
يا ولدي
أنا كبرتُ في السّن، وأعرفُ نفسي بأنني لستُ
مُـقبلًا على الحياة مثلك، ولكنني ببساطة أنتظر الموت!! فكن معي ولا تكن عليَّ.
يا ولدي
عندما تتذكّر شيئًا من أخطائي معك، فكن على ثقةٍ بأنني
لم أكن أريد لك حينها، سوى الأصلح والأحسن، إلّا ما قصرّتُ به وأنا أعترف بأنني
قصّرتُ!!
يا ولدي
حين يظهر لك شيئ من عوراتي وتقصيري وأخطائي،
فالتزم الحذر فيما رأيتهُ مني ولا تفضح سرّي، بل استر عليَّ وبالغ في السّتر، سترك
الله وأخفى عيوبك عن كل أخصامك وأعداءك وجميع من لا يُحبّك.
يا ولدي
ما زالتْ ضِحكتك تُفرحني كما لو كنتَ ما زلتَ صغيرًا،
فلا تحرمني منها بأي وقتٍ، وإن كنتَ حزينًا، بل تعمّد أن تضحك في وجهي، فأنت
والكثير من أبناء جيلك لا تعرفون معنى هذه الصورة البسيطة، بين الآباء والأبناء.
يا ولدي
أنا كنتُ معك حين ولدتك أمّك، فأرجو الله أن يُسهّل أمرك وتكون معي وبقربي يوم موتي ومُفارقتي للدنيا...
لكم مني أرقُّ التَّحيات وأعطرها
وإلى أن نلتقي على الخير دائمًا
أترككم بحمى الرحمن
وكتب # محمد_الجنَّان_أبو_هيثم
أضف تعليق:
0 comments:
إرسال تعليق